فصل: فصل فِي ذِكْرِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(وَلَوْ صَلَّى بِنَجِسٍ) لَا يُعْفَى عَنْهُ بِثَوْبِهِ أَوْ بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ (لَمْ يَعْلَمْهُ) عِنْدَ تَحَرُّمِهَا ثُمَّ بَعْدَ فَرَاغِهَا عَلِمَ وُجُودَهُ فِيهَا (وَجَبَ) عَلَيْهِ (الْقَضَاءُ فِي الْجَدِيدِ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الْخِطَابَ بِالشُّرُوطِ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ فَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ الْجَهْلُ كَطَهَارَةِ الْحَدَثِ «وَخَلْعُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَعْلَيْهِ لِإِخْبَارِ جِبْرِيلَ أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا» وَلَمْ يَسْتَأْنِفْ لَيْسَ صَرِيحًا فِي أَنَّ ذَلِكَ الْقَذَرَ نَجِسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ لِشُمُولِهِ لِلطَّاهِرِ وَلِلْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَاسْتِمْرَارِهِ بَعْد وَضْعِ سَلَى الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَنَحَّتْهُ لَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ سَلْ جَزُورٍ، وَهُوَ فِيهَا وَإِنَّمَا لَمْ يَسْتَأْنِفْهَا مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ بَعْدُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا نَافِلَةٌ عَلَى أَنَّ جَمْعًا أَجَابُوا بِأَنَّ اجْتِنَابَ النَّجَسِ لَمْ يَجِبْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ (وَإِنْ عَلِمَ) بِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا (ثُمَّ نَسِيَ) فَصَلَّى ثُمَّ تَذَكَّرَ (وَجَبَ) الْقَضَاءُ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ مَا يَشْتَمِلُ الْإِعَادَةَ فِي الْوَقْتِ (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِنِسْبَتِهِ بِنِسْيَانِهِ إلَى نَوْعِ تَقْصِيرٍ، وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ التَّذَكُّرِ فَالْمَرْجُوُّ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبَغَوِيّ وَتَبِعُوهُ أَنْ لَا يُؤَاخِذَهُ لِرَفْعِهِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْخَطَأَ والنِّسْيَانَ وَمَتَى احْتَمَلَ حُدُوثُ النَّجَسِ بَعْدَ الصَّلَاةِ لَا قَضَاءَ مَا لَمْ يَكُنْ تَيَقَّنَ وُجُودَهُ قَبْلَهَا وَشَكَّ فِي زَوَالِهِ قَبْلَهَا عَلَى الْأَوْجَهِ كَمَا لَوْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ وَشَكَّ فِي الطُّهْرِ وَلَوْ رَأَى مَنْ يُرِيدُ نَحْوَ صَلَاةٍ وَبِثَوْبِهِ نَجِسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ لَزِمَهُ إعْلَامُهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لِزَوَالِ الْمَفْسَدَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِصْيَانٌ كَمَا قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَكَذَا يَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ مَنْ رَآهُ يُخِلُّ بِوَاجِبِ عِبَادَةٍ فِي رَأْيِ مُقَلِّدِهِ كِفَايَةٌ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ يَقُومُ بِهِ وَإِلَّا فَعَيْنًا نَعَمْ إنْ قُوبِلَ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَجَبَ الْقَضَاءُ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى التَّرَاخِي.
(قَوْلُهُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ تَحَرُّمِهَا) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِالتَّحَرُّمِ وَهَلَّا أَبْدَلَهُ بِقَوْلِهِ فِيهَا أَوْ نَحْوِهِ لِيَصْدُقَ حُدُوثُهَا فِي الْأَثْنَاءِ.
(قَوْلُهُ وَخَلْعُهُ إلَخْ) وَدَلِيلُ الْقَدِيمِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْقَدِيمُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ لِعُذْرِهِ وَلِحَدِيثِ خَلْعِ النَّعْلَيْنِ فِي الصَّلَاةِ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْهَا «إنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِ فَأَخْبَرَنِي أَنَّ فِيهِمَا قَذَرًا».
وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْنِفْ الصَّلَاةَ وَاخْتَارَ هَذَا فِي الْمَجْمُوعِ وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دَمًا يَسِيرًا وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَقْذَرًا طَاهِرًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ لَيْسَ صَرِيحًا إلَخْ) وَقَدْ يُقَالُ الظُّهُورُ وَالتَّبَادُرُ كَافٍ فِي الِاسْتِدْلَالِ.
(قَوْلُهُ لِشُمُولِهِ لِلطَّاهِرِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا فَعَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنَزُّهًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ بَعْدَ وَضْعِ إلَخْ) وَهُوَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ نِهَايَةٌ وَكَانَ بِأَمْرِ أَبِي جَهْلٍ كُرْدِيٌّ.
(قَوْلُهُ سَلَى الْجَزُورِ إلَخْ) وَهُوَ اسْمٌ لِمَا فِي الْكَرِشِ مِنْ الْقَذَرِ لَكِنْ فِي الصِّحَاحِ السَّلَى بِالْفَتْحِ مَقْصُورًا الْجِلْدَةُ الرَّقِيقَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْوَلَدُ مِنْ الْمَوَاشِي ع ش.
(قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ أَوَّلَ الْإِسْلَامِ) أَيْ وَمِنْ حِينَئِذٍ أَيْ الْخَلْعِ وَجَبَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ بِهِ قَبْلَ الشُّرُوعِ) إلَى قَوْلِهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَجَبَ الْقَضَاءُ) وَظَاهِرٌ أَنَّ الْقَضَاءَ فِي الصُّورَتَيْنِ عَلَى التَّرَاخِي سم عَلَى حَجّ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالُوهُ فِي الصَّوْمِ مِنْ أَنَّ مَنْ نَسِيَ النِّيَّةَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ فَوْرًا ع ش.
(قَوْلُهُ قَبْلَ التَّذَكُّرِ) أَيْ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ إمْكَانِ الْقَضَاءِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ سم وَالْمُرَادُ بِالتَّذَكُّرِ مَا يَشْمَلُ الْعِلْمَ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى عِبَارَةُ النِّهَايَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ. اهـ. قَالَ ع ش أَيْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقُلْنَا بِأَنَّ الْقَضَاءَ عَلَى التَّرَاخِي كَمَا مَرَّ عَنْ سم. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ وَحَتَّى اُحْتُمِلَ حُدُوثُ النَّجَسِ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا تَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ كُلِّ صَلَاةٍ تَيَقَّنَ فِعْلَهَا مَعَ النَّجَاسَةِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ قَالَ ع ش فَلَوْ فَتَّشَ عِمَامَتَهُ فَوَجَدَ فِيهَا قِشْرَ قَمْلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا تَيَقَّنَ إصَابَتَهُ فِيهَا انْتَهَى الزِّيَادِيُّ أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ مِنْ الْعَفْوِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ الَّذِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَيَسِيرِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَغُبَارِ السِّرْجِينِ وَشَعْرِ نَحْوِ الْحِمَارِ فَقِيَاسُ ذَلِكَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي عَلِمَ وُجُودَهُ فِيهَا بَلْ الِاحْتِرَازُ عَنْ هَذَا أَشَقُّ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ رَأَى) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ رَأَى) أَيْ مُكَلَّفٌ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي رَأَيْنَا.
(قَوْلُهُ مَنْ يُرِيدُ نَحْوَ صَلَاةٍ وَبِثَوْبِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا كَمَا مَرَّتْ وَلَوْ رَأَيْنَا نَجِسًا فِي ثَوْبِ مَنْ يُصَلِّي أَوْ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ لَمْ يَعْلَمْهُ وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ إنْ عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ فِي مَذْهَبِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمَفْسَدَةِ) خَبَرُ أَنَّ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُكَلَّفَ.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ وَرَآهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَيْضًا فَلَا فَائِدَةَ فِي وُجُودِهِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْ الرَّائِي مِنْهُ أَيْ مِنْ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يُرْشِدُهُ لِلصَّوَابِ وَإِلَّا فَيَصِيرُ فِي حَقِّهِ عَيْنًا؛ لِأَنَّ وُجُودَ مَنْ ذَكَرَ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ. اهـ.

.فَرْعٌ:

أَخْبَرَهُ عَدْلٌ رِوَايَةً بِنَحْوِ نَجِسٍ أَوْ كَشْفِ عَوْرَةٍ مُبْطِلٌ لَزِمَهُ قَبُولُهُ أَوْ بِنَحْوِ كَلَامٍ مُبْطِلٍ فَلَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُمْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِعْلَ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِغَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا يُبْطِلُ سَهْوُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ سَهْوٌ أَمَّا هُوَ كَالْفِعْلِ أَوْ الْكَلَامِ الْكَثِيرِ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ فِيهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالنَّجَسِ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ) وَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ عُدُولٌ فِي أَنَّهُ كُشِفَتْ عَوْرَتُهُ أَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْمُخْبِرِ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ أَوْ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي وَإِنْ كَثُرَ ع ش.
(قَوْلُهُ أَمَّا هُوَ) أَيْ مَا يُبْطِلُ سَهْوَهُ.
(قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ مَحَلَّ أَنَّ فِعْلَ نَفْسِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ لَا يَنْتَقِضُ طُهْرُهُ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ ع ش.

.فصل فِي ذِكْرِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا:

(تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ بِحَرْفَيْنِ) مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ وَلَوْ مِنْ مَنْسُوخٍ لَفْظُهُ أَوْ مِنْ حَدِيثٍ قُدْسِيٍّ وَإِنْ لَمْ يُفِيدَا لَكِنْ إنْ تَوَالَيَا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» وَأَقَلُّ مَا يُبْنَى عَلَيْهِ الْكَلَامُ لُغَةً أَيْ غَالِبًا حَرْفَانِ إذْ هُوَ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ وَغَيْرِهِ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِإِبْطَالِ زِيَادَةِ يَاءٍ قَبْلَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فِي التَّشَهُّدِ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ هُنَا لَكِنَّهُ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الذِّكْرِ بَلْ يُعَدُّ مِنْهُ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ.
تَنْبِيهٌ:
كَانَ الْكَلَامُ جَائِزًا فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ حَرُمَ قِيلَ بِمَكَّةَ وَقِيلَ بِالْمَدِينَةِ وَبَيَّنْت مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الِاضْطِرَابِ مَعَ الرَّاجِحِ مِنْهُ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ وَمِمَّنْ اعْتَمَدَ أَنَّهُ بِمَكَّةَ السُّبْكِيُّ فَقَالَ أَجْمَعَ أَهْلُ السِّيَرِ وَالْمَغَازِي أَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ حِينَ قَدِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ الْحَبَشَةِ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْ وَغَيْرِهِ. اهـ. وَلَك أَنْ تَقُولَ صَحَّ مَا يُصَرِّحُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ فَيَتَعَيَّنُ الْجَمْعُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِيهِ أَنَّهُ حَرُمَ مَرَّتَيْنِ فَفِي مَكَّةَ حَرُمَ إلَّا لِحَاجَةٍ وَفِي الْمَدِينَةِ حَرُمَ مُطْلَقًا وَفِي بَعْضِ طُرُقِ الْبُخَارِيِّ مَا يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ (أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) ك ف وق وع ول وط لِأَنَّهُ كَلَامٌ تَامٌّ لُغَةً وَعُرْفًا وَإِنْ أَخْطَأَ بِحَذْفِ هَاءِ السَّكْتِ وَخَرَجَ بِالنُّطْقِ بِذَلِكَ الصَّوْتُ الْغَيْرُ الْمُشْتَمِلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنْفٍ أَوْ فَمٍ فَلَا بُطْلَانَ بِهِ وَإِنْ اقْتَرَنَ بِهِ هَمْهَمَةُ شَفَتَيْ الْأَخْرَسِ وَلَوْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَإِنْ فَهِمَ الْفَطِنُ كَلَامَهُ أَوْ قَصَدَ مُحَاكَاةَ أَصْوَاتِ بَعْضِ الْحَيَوَانَاتِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ لَكِنْ خَالَفَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ لِتَلَاعُبِهِ وَيَرُدُّ بِأَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ اللَّعِبَ فَلَا تَرَدُّدَ فِي الْبُطْلَانِ لِمَا يَأْتِي فِي الْفِعْلِ الْقَلِيلِ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ وَفِي الْأَنْوَارِ لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ إلَّا إنْ تَكَرَّرَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مُتَوَالِيَةً أَيْ مَعَ حَرَكَةِ عُضْوٍ يُبْطِلُ تَحَرُّكُهُ بِهِ ثَلَاثًا كَلِحًى لَا شَفَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
تَنْبِيهٌ:
هَلْ يُضْبَطُ النُّطْقُ هُنَا بِمَا مَرَّ فِي نَحْوِ قِرَاءَةِ الْجُنُبِ وَالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَا أَضْيَقُ فَيَضُرُّ سَمَاعَ حَدِيدِ السَّمْعِ وَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ الْمُعْتَدِلُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ (وَكَذَا مَدَّةٌ بَعْدَ حَرْفٍ) غَيْرِ مُفْهِمٍ تَبْطُلُ بِهِمَا أَيْضًا (فِي الْأَصَحِّ) لِأَنَّهَا أَلِفٌ أَوْ وَاوٌ أَوْ يَاءٌ فَهُمَا حَرْفَانِ نَعَمْ لَا تَبْطُلُ بِإِجَابَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَإِنْ كَثُرَ وَأُلْحِقَ بِهِ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ إذَا نَزَلَ وَلَعَلَّ قَائِلَهُ غَفَلَ عَنْ جَعْلِهِمْ هَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ رَأَى أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ عَلَى الْأُمَّةِ لَا عَلَى بَقِيَّةِ الْأَنْبِيَاءِ، وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِهِمْ وَتَبْطُلُ بِإِجَابَةِ الْأَبَوَيْنِ وَلَا تَجِبُ فِي فَرْضٍ مُطْلَقًا بَلْ فِي نَفْلٍ إنْ تَأَذَّيَا بِعَدَمِهَا تَأَذِّيًا لَيْسَ بِالْهَيِّنِ وَلَا تَبْطُلُ بِتَلَفُّظِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ لِقُرْبَةٍ تَوَقَّفَتْ عَلَى اللَّفْظِ وَحَلَّتْ عَنْ تَعْلِيقٍ وَخِطَابٍ مُضِرٍّ كَنَذْرٍ وَصَدَقَةٍ وَعِتْقٍ وَوَصِيَّةٍ لِأَنَّ ذَلِكَ حِينَئِذٍ لِكَوْنِ الْقُرْبَةِ فِيهِ أَصْلِيَّةً مُنَاجَاةً لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَالذِّكْرِ وَنُوزِعَ فِيهِ بِمَا لَا يَصِحُّ وَزَعْمُ أَنَّ النَّذْرَ فِيهِ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ تَعَالَى دُونَ غَيْرِهِ وَهْمٌ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرٌ لِلَّهِ فَنَحْوُ نَذَرْت لِزَيْدٍ بِأَلْفٍ كَأَعْتَقْتُ فُلَانًا بِلَا فَرْقٍ وَلَيْسَ مِثْلُهُ التَّلَفُّظَ بِنِيَّةِ نَحْوِ الصَّوْمِ لِأَنَّهَا لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى اللَّفْظِ فَلَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ.
الشَّرْحُ:
(فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا).
(قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ مَنْسُوخٍ) أَيْ أَوْ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَالْكَلَامُ فِيمَا لَيْسَ ذِكْرًا وَلَا دُعَاءً.
(قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا) احْتِرَازًا عَمَّا وُضِعَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ كَبَعْضِ الضَّمَائِرِ.
(قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا) خَرَجَ نَحْوُ ق.
(قَوْلُهُ لَا بُطْلَانَ بِهِ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا تَضُرُّ.
(قَوْلُهُ أَوْ حَرْفٍ مُفْهِمٍ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ أَطْلَقَ فَلَمْ يَقْصِدْ الْمَعْنَى الَّذِي بِاعْتِبَارِهِ صَارَ مُفْهِمًا وَلَا غَيْرَهُ، وَقَدْ يُقَالُ قَصْدُ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَازِمٌ لِشَرْطِ الْبُطْلَانِ، وَهُوَ التَّعَمُّدُ وَعِلْمُ التَّحْرِيمِ وَلَوْ قَصَدَ بِالْحَرْفِ الْمُفْهِمِ الَّذِي لَا يُفْهَمُ كَأَنْ نَطَقَ بِفَ قَاصِدًا بِهِ أَوَّلَ حَرْفَيْ لَفْظَةِ فِي فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ.
(قَوْلُهُ مِنْ أَنْفٍ) أَفْهَمَ ضَرَرَ الصَّوْتِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى ذَلِكَ مِنْ الْأَنْفِ.
(قَوْلُهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ) لَا يَخْفَى إشْكَالُ مَا أَفْتَى بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِصَوْتٍ طَالَ وَاشْتَدَّ ارْتِفَاعُهُ وَاعْوِجَاجُهُ وَيَحْتَمِلُ الْبُطْلَانُ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لَهُ) قَدْ يَقُولُ هَذَا الْبَعْضُ هَذَا بِنَفْسِهِ تَلَاعُبٌ.
(قَوْلُهُ لَا تَبْطُلُ بِالْبَصْقِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ بِهِ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(قَوْلُهُ لَا شَفَةٍ) أَيْ وَلَا لِسَانٍ.
(قَوْلُهُ فِي حَيَاتِهِ) كَانَ التَّقْيِيدُ بِهِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ.
(قَوْلُهُ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَإِنْ كَثُرَ) لَا يَبْعُدُ أَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فِي الْجَوَابِ حَتَّى لَوْ زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ فِيهِ كَأَنْ سَأَلَهُ عَنْ زَيْدٍ أَحَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ وَلَا غَرَضَ لَهُ فِي سِوَى مَعْرِفَةِ حُضُورِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَأَجَابَ أَحَدُهُمَا وَزَادَ شَرْحَ أَحْوَالِ زَيْدٍ فِي حُضُورِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ وَمَا اتَّفَقَ لَهُ فِيهِمَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَذَا بَحَثَ ذَلِكَ الْأُسْتَاذُ الْبَكْرِيُّ، وَهُوَ وَجِيهٌ غَيْرُ بَعِيدٍ وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْحَاجَةِ لَا يَزِيدُ عَلَى مُخَاطَبَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ كَمَا سَيَأْتِي إذْ خِطَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُبْطِلُ كَمَا سَيَأْتِي وَذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ وَأَنَّ الْمُتَّجِهَ تَخْصِيصُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ مَعَ نِزَاعِ الْأَذْرَعِيِّ فِيمَا لَمْ يَرِدْ مِنْ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.